العربي طوال تجربتي في البستنة

علماء علم النبات

صنّف العلماء العرب والمسلمون في كل فروع المعرفة، وقلما اقتصر إنتاج العالم منهم على تخصص واحد، بل كان يتناول شتى فروع المعرفة في مؤلف موسوعي واحد، وسوف نتناول هنا نماذج من علماء المسلمين الذين تناولوا النبات في أبحاثهم من أمثال ابن البيطار والغافقي، وغيرهم على النحو التالي:

ابن البيطار:

هو ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي نسبة إلى مدينة مالقة التي ولد فيها بالأندلس ويعرف بابن البيطار، ولد في الربع الأول من القرن السادس الهجري حوالي سنة 1197م وتوفي في دمشق في شعبان من عام 646هـ الموافق عام 1248م، وتلقى علومه في إشبيلية على أيدي علمائها مثل أبي العباس وعبد الله بن صالح وغيرهما.

يعتبر ابن البيطار أعظم عالم نباتي ظهر في القرون الوسطى ومن أكثر العلماء إنتاجاً، درس النباتات وخواصها في بلاد واسعة، وكان لأبحاثه الأثر الكبير في السير بهذا العلم خطوات مهمة، فقد بدأ حياته العلمية في الأندلس، ثم انتقل في أول شبابه إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس باحثاً ودارساً ومحاوراً الباحثين بعلم النبات والعاملين به، ثم تابع جولاته منتقلاً إلى آسيا الصغرى ماراً بأنطاكية ومنها إلى سوريا ثم إلى مصر فالحجاز وغزة والقدس وبيروت ثم انتقل إلى بلاد الإغريق ووصل إلى أقصى بلاد الروم، وكان في كل محطاته مثال العالم الباحث في علوم الأدوية والنباتات.

في مصر اتصل ابن البيطار بالملك الكامل واعتمد عليه الملك الأيوبي في أمور الأدوية والنبات، وجعله رئيساً على سائر العشابين (أي نقيباً للصيادلة)، وبعد وفاته انتقل إلى خدمة ابنه الملك الصالح، وكان حظياً عنده متقدماً في أيامه، فذاع صيته واشتهر شهرة عظيمة.

آثاره:

يعتبر كتابه "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" والمعروف "بمفردات ابن البيطار" من أنفس الكتب النباتية وأشهرها، ألفه بعد دراسات مضنية، وبعد أن جاب كل تلك البلاد، حيث أودع فيه كل تجاربه ومشاهدته خلال سني أبحاثه الطويلة، معتمداً المنهج العلمي في البحث والتنقيب، وعلى التجربة والمشاهدة كأساس لدراسة النبات والأعشاب والأدوية، فشرح في مقدمة كتابه المنهج الذي اتبعه في أبحاثه فيقول: "... ما صحَّ عندي بالمشاهدة والنظر، وثبت لدي بالمخبر لا بالخبر أخذتُ به، وما كان مخالفاً في القوى والكيفية والمشاهدة الحسية والماهية للصواب نبذته ولم أعمل به..".

ضمّن كتابه شروحاً مفصَّلة لعدد كبير من الأدوية (1400 دواء بين نباتي وحيواني ومعدني، ومنها 300 دواء جديد من ابتكاره الخاص) معتمداً على مؤلفات (أكثر من مائة وخمسين كتاباً بينها عشرون كتابا يونانياً)، وقد بيّن الخواص والفوائد الطبية لجميع هذه العقاقير وكيفية استعمالاتها كأدوية أو كأغذية.

ومن مزايا كتابه هذا ترتيبه حسب حروف المعجم لتقريب مأخذه وليسهل على الأطباء والطلبة الاطلاع عليه دون مشقة أو عناء، كما ذكر فيه الأدوية الخاطئة التي تستعمل بالتواتر، وفنَّد وهمها معتمداً على تجاربه ومشاهداته، كما أنه ذكر فيه أسماء الأدوية بسائر اللغات المتباينة بالإضافة إلى منابت الدواء ومنافعه وتجاربه الشهيرة، وكان يقيِّد ما كان يجب تقييده منها بالضبط والشكل والنقط تقييداً يضبط نطقها حتى لا يقع الخطأ أو التحريف عند الذين ينسخون أو يطَّلعون عليه، وذلك لأهمية الدواء وتأثير الخطأ على حياة الناس.

كما أنه دوّن فيه كل الشروح والملاحظات المتعلقة بتخزين النباتات وحفظه، وتأثير ذلك على المواد الفعَّالة والمكونات الغذائية الموجودة فيها.

يصف تلميذه ابن أبي أصيبعة كتاب (الجامع) في كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" فيقول: "لا يوجد أجلُّ ولا أجوَدُ منه"، ويصف شخصية ابن البيطار فيقول: "رأيت من حسن عشرته، وكمال مروءته، وكرم نفسه ما يفوق الوصف، وشاهدت معه في ظاهر دمشق كثيراً من النباتات في مواضعها، ووجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية في النبات وفي الكتب المؤلفة في هذا العلم ما يثير التعجب لذاكرته المتوقدة النادرة، فكان يذكر كل دواء في أي كتاب ذكر، وفي أي مقالة من هذا الكتاب، وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة، إن ابن البيطار هو أوحد زمانه، وعلاّمة عصره في معرفة النبات، وتحقيقه، واختياره، ومواضع نبته، ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها".

وكتابه "المغني في الأدوية المفردة" يلي كتاب (الجامع) من حيث الأهمية، ويقسم إلى عشرين فصلاً، ويحتوي على بحث الأدوية التي لا يستطيع الطبيب الاستغناء عنها، ورتَّبت فيه الأدوية التي تعالج كل عضو من أعضاء الجسد ترتيباً مبسطاً وبطريقة مختصرة ومفيدة للأطباء ولطلاب الطب، ويوجد منه العديد من النسخ المخطوطة.

وله أيضا في ذلك كتاب "الإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام"، و "شرح أدوية كتاب ديسقوريدس" وهو عبارة عن قاموس بالعربية والسريانية واليونانية والبربرية وشرح للأدوية النباتية والحيوانية، وله أيضا: مقالة في الليمون - كتاب في الطب - الأفعال الغريبة والخواص العجيبة - ميزان الطبيب - رسالة في التداوي بالسموم.

لقد أسهم ابن البيطار في تطور الحضارة البشرية من خلال علوم النبات والصيدلة والطب إسهاماً عظيماً باكتشافاته العلمية المهمة، ومؤلفاته التي تركها خير برهان على تفوقه ونبوغه، مما جعله يرقى إلى مصاف كبار علماء العرب والمسلمين الذين أغنوا المكتبة العربية والعالمية ببحوثهم ودراساتهم القيّمة. (الدكتور بسام عليق، بيروت، موقع: "باب المقال" بتصرف).

ابن الرومية:

هو أبو العباس أحمد بن محمد بن الخليل مفرج النباتي الأموي المعروف باسم "ابن الرومية"، ولد في أشبيلية بالأندلس عام (560هـ/1165م)، وترعرع ونما وتعلم وتوفي فيها عام (637هـ/1240م) وهو يعتبر من أهالي إشبيلية، ومن أكبر علمائها في علم النبات.

برز في علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعه، واختلاف أوصافها وتباين مواطنها، حتى صار المرجع في هذا المجال للعلماء من بعده، كانت له ميول لدراسة الشريعة والأحاديث النبوية في أول حياته، واندفع بعد ذلك لدراسة علمي النبات والطب، حتى برز فيهما، فثقافته الإسلامية جعلت منه عالماً فذاً مدركاً لما يحتاج إليه الناس وخاصة العامة.

كان ابن الرومية من ألمع علماء العرب والمسلمين في الشطر الغربي من الأمة الإسلامية، بل إنه يعتبر حجة في علم النبات في الأندلس، تتلمذ على يده ابن البيطار الذي ورث عبقرية أبي العباس ابن الرومية في طريقة البحث والصبر والمثابرة على الدراسة والتحصيل العلمي، واشتهر ابن الرومية بسفر مسافات بعيدة وصعبة للبحث وتقصي الحقيقة، فلقد زار الديار المصرية والشام والعراق لكي يلتقي بكبار العلماء آنذاك، ولدراسة مواطن بعض النباتات التي ذكرها في مؤلفاته.

يقول عز الدين فراج في كتابه (فضل علماء المسلمين على الحضارة الأوروبية): "وإذا كان علماء النبات الأندلسيين، هم أعظم من نبغ في هذا الميدان في العالم الإسلامي، فيكفي أن نذكر في ذلك أبا العباس ابن الرومية الأشبيلي المتوفى سنة 637هـ، وتلميذه ابن البيطار المتوفى في سنة 646هـ، وهما يعتبران أعظم علماء النبات والعشابين في العصور الوسطى".

اهتم ابن الرومية بالتأليف اهتماماً كبيراً، فألَّف في علم النبات وتفنَّن فيه، حتى صارت مؤلفاته في هذا العلم مرجعاً يرجع إليه العلماء؛ ليقتبسوا منه المعلومات المفيدة والنادرة والبناءة، ومن أهم مؤلفاته: تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس أو شرح حشائش ديسقوريدس - مقالة في تركيب الأدوية - أدوية جالينوس والتنبيه على أوهام ترجمتها - الرحلة النباتية - التنبيه على أغلاط الغافقي - الرحلة المستدركة.

ومن المؤسف حقاً أن كتاب "الرحلة النباتية" لابن الرومية قد فُقِد ولم يبق إلا نتف ذكرها تلميذه ابن البيطار، ولقد احتوى هذا الكتاب على معلومات ثمينة جداً؛ لأنه وصف فيه خبرته العلمية التي لا تقدر بثمن، ويتضح لنا من وصف المستشرق ماكس ماير هوف لكتاب الرحلة النباتية أن ابن الرومية كان عملاقاً لا يضاهيه إلا الغافقي في حقل النبات.(د. محمد مصطفى السمري، القاهرة، موقع العالم الإسلامي).

الدينوري:

هو أحمد بن داود الدينوري الحنفي، عاش في القرن الثالث الهجري، ولد بالعراق، وتنقل بين البلدان، وتوفي في حدود (282هـ، 895م)، صنّف كتاب النبات وهو كتاب لم يُصنَّف مثله في اللغة العربية حتى عصره، ويُعَدُّ بهذا شيخ النباتيين العرب، استقصى في هذا الكتاب كل ما نطقت به العرب من أسماء النبات، وربما عاين أنواعًا منها في مواطنها ثم وصفها وصفًا دقيقًا، أو ربما اكتفى بسؤال الأعراب عنها، أو بما جاء عنها في كتب اللغة المتقدمة.

وعُنِيَ بإيراد ما قالته العرب من شعر أونثر في وصف النباتات وأجزائها من أصل وجذع وزهر أو ثمر أو ورق، ويستشهد بأقوال العرب من صفات النبات واستعمالاته ومواطن نموه، وقد نقل علماء اللغة هذا الكتاب ـ كلَّه أو جُلَّه ـ في مصنفاتهم مع اختلاف طفيف في النقل، فعل ذلك ابن دريد في الجمهرة، والأزهري في التهذيب، والجوهري في الصحاح، وابن سيده في المخصص، وابن منظور في لسان العرب، والفيروزأبادي في القاموس المحيط.

ولاشك أن الدينوري في هذا المصنّف نباتي عربي محض، حتى في مصادره؛ فلا نجد لديه ما لدى المتأخرين من الاعتماد على المصادر الأجنبية، إنما كان اعتماده على المصادر العربية الأصيلة، ثم إنه لم يُعِر الجانب الطبي كثيرًا من العناية؛ فهو نباتي ليس إلا، وليس نباتياً طبيباً كابن البيطار وداود وابن سينا وغيرهم.

وعلى الرغم من أن القصد الأساسي للكتاب لغوي، إلا أنه صار عمدة للأطباء والعشابين كذلك؛ فلا يُجاز عشَّابٌ إلا بعد أن يستوعب هذا الكتاب ويجتاز امتحانًا فيه، ولم يقتصر النقل عنه على كتب اللغة فحسب، بل نقلت عنه كتب المفردات الطبية كمفردات الأدوية لابن البيطار.

وصف الدينوري مئات النباتات وصنَّف أسماءها مرتبة ترتيبًا معجمياً وتحدّث عن الأراك والإسحل والأثاب، والأرطى، والآس، والأقحوان وغيرها، وقد بدأ كتابه بوصف شامل لأنواع التربة في بلاد العرب وتركيبها ومناخها وتوزيع مائها، والشروط الضرورية لنمو النباتات فيها، وقد بلغ عدد ما أورده من أسماء النباتات 1120 اسمًا، لذا يعد الدينوري أول من ألَّف في علم الفلورا النباتية للجزيرة العربية. (موقع: "الموسوعة العربية الإسلامية" بتصرف).

الغافقي (ت 560هـ / 1165م):

أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن السيد الغافقي الأندلسي، أحد علماء النبات والصيدلة الذين اشتهروا في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي، ولد بمدينة غافق التي تقع بالقرب من قرطبة بأسبانيا الإسلامية وإليها نُسِب، عاش أبو جعفر الغافقي فترة كانت الدولة الإسلامية في الأندلس في فوضى شديدة واضطراب مما دعا كثيرا من العلماء البارزين في الفلسفة والعلوم إلى الهجرة من الأندلس إلى بلاد الشرق وأفريقيا، ولقد عُرِف الغافقي بين معاصريه بتواضعه الملحوظ، فهو من علماء العرب والمسلمين الذين سما العلم بنفوسهم وصقل روحهم، فكان من العلماء الذين قضوا معظم حياتهم في طلب العلم وتدريسه، وأعطى نصائح للأطباء والصيادلة على حَدٍّ سواء.

نال أبو جعفر الغافقي شهرة عظيمة كعالم نبات بسبب كتابه المرموق "الأدوية المفردة"، فقد جمع فيه ما يقارب ألف صنفٍ من الأدوية البسيطة، ووصفها وصفا علميا، وشرح طريقة استعمالها، وقد استفاد من خبرة كل من ديسقوريدس وجالينوس في تصنيف هذا الكتاب الثمين، فذكر ما أورده كل منهما بأوجز لفظ وأتم معنى، مع ذكر أسماء الأدوية بالعربية، واللاتينية، والبربرية، ثم ذكر بعد قوليهما ما تجدد للمتأخرين من الكلام في الأدوية المفردة، أو ما ألمَّ به هو واحدا واحدا وعرفه فيما بعد، فجاء كتابه جامعا لما قاله الأفاضل في الأدوية المفردة، ودستورا يرجع إليه فيما يحتاج إلى تصحيحه منها.

ولم يكن أبو جعفر الغافقي من العلماء المكثرين في تأليف الكتب بل اقتصر على كتابين فقط هما كتاب "الأدوية المفردة" و "كتاب الأدوية"، ومن المؤسف حقا أن معظم إنتاجه في الصيدلة ضاع، وما وصلنا منه هو ما حفظه ابن البيطار في مؤلفاته. (موقع "الإسلام" بتصرف).

ابن السراج:

هو محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأنصاري الغرناطي، المعروف بابن السراج، طبيب، نباتي، ولد سنة 654 هـ وتوفي سنة 720 هـ، وعرف بعطفه على الفقراء من المرضى، ومعالجته إياهم مجاناً، ومساعدته لهم، كما عُرِف بحسن المجالسة والدعابة، وذُكِر من آثاره كتابٌ في (النبات) وآخر في (فضائل غرناطة).

ابن الصوري:

هو رشيد الدين بن أبي الفضل بن علي الصوري، نسبة إلى مدينة صور على الساحل اللبناني، طبيب وعالم بالنبات، ولد في صور سنة 573 هـ ونشأ فيها، ثم انتقل إلى بيت المقدس، واتصل فيها بالملك العادل الأيوبي الذي اصطحبه إلى مصر، وأدخله في خدمته، واتصل من بعده بابنه الملك المعظم، ثم بالملك الناصر الذي عينه رئيساً للأطباء، ولما توجه الناصر إلى الكرك انتقل ابن الصوري إلى دمشق، وفيها كانت وفاته سنة 639 هـ.

ترجم له ابن أبي أصيبعة، وأشار إلى أنه كان مولَعاً بالتنقيب عن الحشائش وأنواع النبات، مدققاً في وصفها، لا يكتفي بنعتها وتحديدها وترك من المصنفات: (الأدوية المفردة) و(التاج).

ابن العوام:

هو أبو زكريا يحيى بن محمد بن أحمد بن العوَّام الأشبيلي الأندلسي، عالم في الزراعة والنبات، كل ما نعرفه عنه أنه كان يعيش في أشبيلية في القرن السادس للهجرة، وقد درس العلوم المنتشرة في عصره كالنبات، والحيوان، والطب، والفلك، والعلوم الزراعية القديمة، ألف كتاباً قيمّاً مشهوراً في الزراعة الأندلسية، دعاه (كتاب الفلاحة) الذي ترجم وطبع عدة مرات.

أبو الخير الأشبيلي:

هو أبو الخير الإشبيلي، المعروف (بالشجَّار)، عالم بالزراعة، من أبناء أشبيلية، عاش في القرن الخامس الهجري، كان يقوم بتجارب زراعية عديدة في ضواحي أشبيلية، وبدراسات تناولت عدداً من النباتات كالأشجار المثمرة، والكرمة، ونبات الحدائق، والغابات، ووضع نتيجة ذلك (كتاب الفلاحة)، ولا يعرف هذا الكتاب إلا ببضع نسخ، منها واحدة في المكتبة الوطنية بباريس، وواحدة في جامع الزيتونة بتونس، وقد درسه (هنري بيريس) وأعدَّ له طبعة مع ترجمة فرنسية وحواشٍ، ونشر خلاصة تصميمه في (دائرة المعارف الإسلامية). (موقع: "علماء العرب").

أثر علماء النبات المسلمين في الحضارة الغربية:

إن إنجازات المسلمين في علم النبات وتأثيرها في الحضارة الغربية وصلت إلى حد اعتراف الغربيين أنفسهم أنه ما كان بوسعهم أن يتقدموا في علم النبات لولا إنجازات المسلمين، ويكفي في هذا السياق قول المستشرق روسكا عن أهمية كتاب (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية) لابن البيطار،وقيمته وأثره الكبير في تقدم علم النبات إذ يقول: "إن كتاب الجامع كان له أثره البالغ في أوروبا، وكان من أهم العوامل في تقدم علم النبات عند الغربيين". (موقع: "باب المقال").

ذلك الكتاب الذي اهتم به دارسو النبات اهتماما بالغا حتى القرن السادس عشر الميلادي، وكان يُدرَّس في معظم الجامعات الأوروبية حتى عهود متأخرة، وقد جرت ترجمته إلى اللاتينية، وطبع بمدينة قرمونة عام 1758م، كما ترجمه إلى الألمانية المستشرق فون زونتهايمر Sontheimer، ونشره في شتوتجارت بألمانيا عام 1840، كما ترجمه إلى الفرنسية المستشرق لوسيان لوكلرك Leclerc.

وقد طبع (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية) بالعربية بعناية أحمد أبو العينين، ونشرته مطبعة بولاق بالقاهرة عام 1291هـ / 1874م، وهو في أربعة أجزاء، كما أعادت طبعه بالأوفست مكتبة المثنى ببغداد عام 1384 هـ / 1964 م في أربعة أجزاء. (من هذا الرابط بتصرف: http://www.ishim.net/ankaadan6/IbnBitar.htm).

ويقول الدكتور بسام عليق: إن الوصفات الطبية التي دوَّنها ابن البيطار في كتبه أثبتت نجاحاً عظيماً في الشرق والغرب، واعتمدت كأساس لعلم العقاقير، وكتابه (الجامع) كان قد استعمل في تكوين أول صيدلية إنجليزية أعدتها كلية الطب في عهد جيمس الأول. (الدكتور بسام عليق، بيروت، موقع: "باب المقال").

وليس هذا مقتصرا على ابن البيطار فحسب، فإن إنتاج ابن الرومية في علم النبات جعل «ماير هوف» يندهش منه ويعجب به، وينوه عنه بكل صراحة أنه من النادر بل من الصعب جدا على أي متخصص بعلم النبات أن ينتج مثل كتابه "الرحلة النباتية" لابن الرومية، الذي كان يشتمل على معلومات كثيرة، وإحاطة واسعة لمعرفة أسماء النبات وفوائدها الطبية والغذائية، واعتبره من فطاحل علماء العصر الوسيط. ( موقع العالم الإسلامي).

وإلى جانب هذا فقد نقل المسلمون إلى أوروبا أنواعًا مختلفة من النباتات، خاصة إلى صقلية والأندلس، فأدخلوا فيها لأول مرة زراعة الزعفران والعنب والأرز والمشمش والبطيخ، والورد والياسمين، ومن مصر جُلِبَ الفول والبصل، ومن الصين جُلب التوت والفجل، ومن الهند الخيار والتوابل، وظلت حدائق الرصافة والزهراء والزاهرة وطليطلة وأشبيلية باقية مدة من الزمن تشهد بعلو همة المسلمين وبراعتهم في المجال الزراعي، ونبوغهم في تنظيم وسائل الري والصرف وتوزيع المياه. (موقع: "الموسوعة العربية الإسلامية